كلمة "الجن" ومشتقاته تتفق جميعا - من حيث اللغة - في معنى واحد هو الستر والخفاء يدل على ذلك المعاجم اللغوية حيث يلاحظ توحد تعاريف اللغويين لمادة "الجيم والنون" بمختلف اشتقاقاتها واتفقوا على أنها تفيد الستر والخفاء، فيقال "لا جن بهذا الأمر" أي لا خفاء، قال الهذلي: {ولا جن بالبغضاء والنظر الشزر} {وجنه الليل يجنه وجن عليه يجن جنّاً وجنونًا: ستره وأظلمه} ومنه قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ الَّيْلُ رَءَا كَوْكَبًا﴾ سورة الأنعام الآية 76. و{أجنت الحامل الجنين} سترته في الرحم، ومن قوله تعالى: ﴿وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ﴾ سورة النجم الآية:32. "واجتن الرجل اجتنانًا: استتر، والجنان: الثوب لستره الجسم" ويطلق اسم الجنة على {الحديقة ذات النخل والشجر والبستان، قيل لها ذلك لسترها الأرض بظلالها ج: جنان وجنات}، {وكل ما ستر عنك فقد جن عنك}، والجن {كل ما استتر عن الحواس من الملائكة أو الشياطين، قيل سميت بذلك لأنها تتقي ولا ترى} وقد كان العرب في الجاهلية يسمون الملائكة جنًّا لاستجنانهم واستتارهم عن العيون حيث يقول الأعشى يذكر سليمان عليه السلام.
وسخر من جن الملائكة تسعة قيامًا لديه يعملون بلا أجر
فمادة جن باشتقاقاتها في اللغة العربية تعني الخفاء والستر، فالجنة بأشجارها وتشابك أغصانها تستر وتحجب المرء عن رؤيته إذا دخلها، والجنان هو قلب الإنسان سمي بذلك لأن عقله مستور، والجنين سمي بهذا الاسم لأنه مستور في ظلمات ثلاث المشيمة والرحم والبطن، ويسمى القبر جننًا لأنه يستر المدفون الذي يوارى داخله بالتراب، ويسمى الدرع الذي يلبسه المقاتل بالمجن لأنه يستر جسمه ويقيه من النبال والحراب والسيوف، وقال صلى الله عليه وسلم ﴿الصيام جنة﴾ صحيح البخاري، أي وقاية وستر لصاحبه من الشهوات والملذات.
فلما وصل الاد راك في المعنى للغة وفهمها