الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد وعلى آله وصحبه وسلم ،،،
في حقيقة الأمر أرى أن المسلم في العصر الذي نعيش فيه هو أحوج ما يكون لطلب العلم الشرعي والبحث والتقصي في كافة المسائل الشرعية والوقوف على أقوال أهل العلم فيها قديماً وحديثاً ، وحيث أنه في الآونة الأخيرة ظهر بعض طويلبي العلم ممن سفهوا أقوال العلماء ، ورموهم بالهمز واللمز ونعتوهم بألفاظ خارجة عند حدود الأدب ، وحيث أن مجال الرقية الشرعية قد دخل فيها كل نطيحة ومتردية وأكيلة سبع ، فإني أنصح كافة الإخوة والأخوات ممن اشتغل في هذا العلم الاهتمام بطلب العلم الشرعي ، والعودة في المسائل المشكلة للعلماء وطلبة العلم والدعاة ، وأحمد الله سبحانه وتعالى كان حرصي عظيم خلال سنوات خبرتي الطويلة ، فما توانيت يوماً من الأيام في العودة إلى العلماء وطلبة العلم لسؤالهم في مسائل كثيرة كنت أجهلها ، وما كان ذلك إلا بتوفيق من الله سبحانه وتعالى وحده 0
وهذا الأمر شغلني حيث قد رأيت العجب العجاب من تصرفات بعض المعالجين بالرقية الشرعية – وفقهم الله للخير فيما ذهبوا إليه – والأهم من ذلك كله أنهم لم يراعوا خلافاً قائماً في أي مسألة من مسائل الرقية الشرعية ، ومن هنا فإني أقدم النصح لنفسي أولاً ثم لهؤلاء الإخوة الأعزاء الذين حملوا أمانة هذا العلم ، ووالله إنها لأمانة عظيمة أن يرفقوا بأنفسهم ، وأن يلتزموا بأدب الإسلام في الخلاف ، وأن يحتكموا إلى الأصول والقواعد المقررة ، لا إلى الأقوال المجردة عند الخلاف وليلتمس الأعذار ، لأننا بشر نخطئ ونصيب ، ولا بد أن يتحلى المعالج بأدب المناظرة والمجادلة ، وأنقل كلاما بديعا تحت هذا العنوان للدكتور الشيخ صالح بن عبدالله بن حميد - حفظه الله - حول مبادئ وآداب الخلاف ، تحت عنوان ( تحاشي الخلاف والاختلاف قدر الإمكان ) وذلك بمراعاة الأمور التالية :
أولا : حسن الظن بطلبة العلم وتغليب أخوة الإسلام على كل اعتبار0
ثانيا : حمل ما يصدر منهم أو ينسب إليهم على المحمل الحسن قدر الإمكان 0
ثالثا : إذا صدر ما لا يمكن حمله فيعتذر عنهم ولا يعدم قاصد الخير والحق لإخوانه من الأعذار ما يبقي صدره سليما ونفسه رضية 0
وليعلم أن هذا ليس دعوة إلى القول بسلامتهم من الأخطاء فكلهم خطاءون والكريم النبيل من اغتفر قليل خطأ المرء في كثير صوابه 0
ويكفيك في هذا أن تعلم أنك خطاء وأنك إذا أخطأت فإن تستغفر لنفسك ألا تستغفر لأخيك حين يخطئ فتقول كما قال موسى مع أخيه هارون : ( قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِى وَلأَخِى وَأَدْخِلْنَا فِى رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ) ( سورة الأعراف – الآية 151 ) 0
رابعا : اتهام النفس واستيقافها عند مواطن الخلاف والنظر وتحاشي الإقدام على تخطئة الآخرين إلا بعد النظر العميق والأناة الطويلة 0
خامسا : رحابة الصدر في استقبال ما يصلك من انتقاد أو ملاحظات من الإخوان ، واعتبار ذلك معونة يقدمها المستدرك لك وليس مقصود أخيك العيب أو التجريح 0
سادسا : البعد عن مسائل الشغب والفتنة :
فقد ذكر الآجري في أخلاق العلماء أن العالم إذا سئل عن مسألة ويعلم أنها من مسائل الشغب ومما يورث بين المسلمين الفتنة استعفى منها ورد السائل إلى ما هو أولى به وأرفق ويدخل في ذلك ألا يحدث العالم الناس حديثا يكون فيه فتنة وبخاصة الصغار من طلبة العلم000وينبغي للأساتذة والعلماء أن يترفعوا بطلاب العلم وبخاصة صغار طلاب العلم 0 حتى لو نقل لك تلميذك قولا لعالم من العلماء مخالفا لما قلته أو حتى مخالف لما هو راجح عندك ، عليك أن ترفق بتلميذك 000 أما أن وجدت لذلك العالم مخرجا فتنبهه وتعوده وتربيه على حسن الأدب حتى مع المخالفين ، ولهذا قالوا ويحسن من ذلك ألا يحدث العالم الناس حديثا يكون فيه فتنة 0 فيتجنب الخوض في كل ما يعلم مما لا تدركه عقول من حوله من دقائق العلم وشذوذاته 0
سابعا : الالتزام بأدب الإسلام في انتقاء أطايب الكلام :
وتجنب الكلمات الجارحة والعبارات اللاذعة ذات اللمز والغمز والتعريض بالسفه والجهل 000 هذا ما يمكن أن يقال في هذه البضاعة المزجاة ) ( أدب الخلاف – ص 41 ، 44 ) 0
تلك نصيحة عطرة أقدمها لنفسي أولاً ثم للمعالجين الأعزاء ، وأخيراً إلى القراء الأعزاء في منتدى الرقية الشرعية ) ، فنسأل الله أن ينفعنا بها ، وأن يجعل لها مكاناً وصدى ، وأن يوفقنا جميعاً للعمل بكتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم 0
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم