مسألة: يستحب الدعاء عند الحجامة، كما هو مستحب في كل أمر حتى غير المهمّة منها عرفاً، فان الدعاء ينفع في كل شيء، أما ما يقال: من أننا ندعو ولا نرى نفعه؟.
فالجواب: يمكننا أن نفرض الدعاء مثل الدواء، فهل يصح أن يقال: إن الدواء لا ينفع لعدم ظهور أثره فوراً وإن وصفه الأطباء بالنفع.
هذا وقد قال سبحانه: (قل ما يعبؤا بكم ربي لولا دعاؤكم)(89) مما يدل على أن الدعاء له المدخلية في كل الأمور.
وعلى أي، فعن الإمام الرضا (عليه السلام): (إذا أردت الحجامة فاجلس بين يدي الحجام وأنت متربع فقل: بسم الله الرحمن الرحيم، أعوذ بالله الكريم في حجامتي من العين في الدم، ومن كل سوء وأعلال وأمراض وأسقام وأوجاع، وأسألك العافية والمعافاة والشفاء من كل داء)(90).
وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال لرجل من أصحابه: (إذا أردت الحجامة وخرج الدم من محاجمك فقل قبل أن يفرغ والدم يسيل: (بسم الله الرحمن الرحيم، أعوذ بالله الكريم في حجامتي هذه، من العين في الدم ومن كل سوء)، ثم قال: وما علمت يا فلان أنك إذا قلت هذا فقد جمعت الأشياء كلها، إن الله يقول: (ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسّني السوء)(91) يعني الفقر، وقال عزوجل: (كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء)(92) يعني أن لا يدخل في الزنا، وقال لموسى(عليه السلام): (وادخل يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء)(93) قال من غير برص)(94).
ورواه في المستدرك أيضاً باختلاف يسير(95).
وفي هذه إشارة إلى أن (السوء) يستعمل لمعان متعددة، وقد ذكرت بعضها في هذه الرواية.
وقوله (عليه السلام) (يعني الفقر) تفسيراً لقوله تعالى: (وما مسني السوء)، لعله المصداق الظاهر، وإلا فهو يشمل السوء بكل أقسامه.
وأما (لنصرف عنه السوء والفحشاء) فلعل المراد بالسوء أعم من الزنا فيشمل اللمس والقبلة وغير ذلك، وكذلك (بيضاء من غير سوء) يمكن أن يكون الأعم من البرص.
وقوله(عليه السلام): (فقد جمعت الأشياء كلها) فسّر ذلك بالآيات المباركات، ومعنى العين في الدم، أن يقال أن دمه نظيف أو ما أشبه ذلك، فان العين حق بالنسبة إلى كل شيء، كما في الروايات(96).
الحجامة والنظافة
مسألة: ينبغي مراعاة النظافة والأمور الصحية في الحجامة.
عن زيد الشحام قال: (كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فدعا بالحجّام فقال له: اغسل محاجمك وعلّقها ودعا برمانة فأكلها فلما فرغ من الحجامة دعا برمانة أخرى فأكلها وقال هذا يطفئ المرار)(97).
أقول: المرّة خلط من أخلاط البدن غير الدم، والجمع مرار كما في مجمع البحرين(98) وغيره، ومعنى غسل المحاجم التنظيف، وتعليقها لعله للجفاف.